لماذا حرق كتاب تحفة الزائر لابن الامير عبد القادر
يذكر محمد باشا الابن الاكبر للامير عبد القادربن محي الدين الجزائري مؤلف كتاب ((تحفة الزائر في تاريخ الأمير عبد القادر)) ان كتابه قد تعرض للاتلاف حيث قال في كتابه تحفة الزائر الجملة التالية
2/ يقول ايضا"شمرت عن ساعد الاجتهاد. لجمع ما تفرق من المواد بعد أن فقد منها الأكثر وبقي من المسودة مالا يذكر''
انظر كتاب تحفة الزائر في تاريخ الأمير عبد القادر الجزء الاول
((.. وألقينا السلاح إلى الفرنسيين..... ألخ)) وقع خلاف بين المؤلف الأمير محمد باشا وإخوته فقرروا إحراق الكتاب، وأستغل أحدهم غياب المؤلف فأرسل أحد خدمه إلى غرفة أخيه محمد وجلب المسودة ليحرقوها قبل أن تصل إلى المطبعة، ولكن بقي بعض الأوراق منها، لذلك قال المؤلف في مقدمة الكتاب ((ذهب الكثير ولم يبق سوى القليل)) ، وعندما عاد المؤلف لإعادة تأليف الكتاب عاد وكرر ذكر ما كان قد ذكره في المسودة الأولى عن إلقاء والده الأمير عبد القادر السلاح واستسلامه.
وتقول في منشور اخر نجده في موقع جمعية العلماء الجزائريين
https://binbadis.net/archives/6666
"" وعلى الرغم من ذلك فسرها بالاستسلام أي الخضوع وبذُلّ، لتُحفر في أذهان أطفال بلادنا ومؤرخينا الذين تمسكوا بتلابيب هذه التفاسير والآراء ومبادئ المدرسة الفرنسية التاريخية، حتى منهم ابن الأمير عبد القادر محمد باشا في كتابه «تحفة الزائر»، الذي ذكر في الصفحة الرابعة من كتابه ، الذي سُرقت مسوّدته وحُرقت، فكتب في أول هذه الصفحة «وألقينا السلاح إلى الفرنسيين» مع أنه كتب تفاصيل إرسال الجنرال الفرنسي سيفه إلى والده، وذهب لمقابلته على الرغم من ذلك نسي ما كتبه ربما، فأراد كسب ود فرنسا في كتابه هذا، وهذه الجملة كانت سبب إرسال أخوته أحد الخدم لأخذ تلك المسوّدة وصب عليها الكاز وحرقها، لولا الدُخان ورائحته الذي لفت نظر أحد المارّين فأطفأ النار، فلم تُحرق بالكامل، واعترف المؤلف بذلك.لم يعترف بأنها حُرقت لغرضٍ في نفسه. وفي كتابه هذا الذي طُبع في الإسكندرية عام 1903 ، الكثير من التناقض على الرغم أنه تضمّن معلوماتٍ قيّمة صحيحة . انتهى كلام بديعة الحسني
مما جاء في هذا المصدر اي كتاب تحفة الزائر، هي الظروف التي أحاطت بإنهاء الأمير عبد القادر مرحلة الجهاد وخروجه من الجزائر عام 1848 م، وصداقته مع ملك فرنسا و تراجعه عن فكرة الجهاد ضد الاحتلال وهو الامر الذي لم يعجب بعض افراد عائلة الامير و ارادوا حرق الكتاب حتى ان بعض الصفحات في الطبعة الاولى لسنة 1903 م لا نجد لها اثر في الطبعات اللاحقة
انظر في كتاب ((تحفة الزائر)) المطبوع عام 1903م او مخطوطة سنة 1890 م و قارن مع ما تم حذفه من طبعة ١٩٦٤ م، شرح وتعليق ممدوح حقي، دار اليقظة العربية، بيروت، الطبعة الثانية، ١٣٨٤ ه/ ١٩٦٤ م
وهذا يقودنا الى التساؤل لماذا بعض الاطراف من عائلة الامير عبد القادر ومن يساندهم يريدون طمس حقائق تاريخية حتى تلك التي كتبها ابن الامير عبد القادر نفسه وهو اعلم الناس بتاريخ والده الامير عبد القادر ؟
هاكم النص المحدوف و المخفي عن القراء عمدا ولا يحب بعض ال الامير عبد القادر ان ينشر للناس وهو ما وضع تحت عنوان:
((ذكر توجه الأمير إلى باريس ولطائف أخباره وما هبت به نسائم رحلته المعطرة بنفحات أثاره))
ابتداءا من الصفحة ٣٩ من الجزء الثاني حيث يذكر في الصفحة 41 وهو النص المحذوف في الطبعات اللاحقة مايلي:
((... غير أنني لما كنت في امبواز قبل سفري هذا عزمت على أن أجدد عهدي الذي أعطيته للجنرال لاموريس وأفعل ذلك باختياري.. إنما المتكلم بين أيديكم... بعد أن نلت إحسانكم الذي لا ينسى وأنا عاجز عن مقابلته بالشكر والثناء أن أخون وأفعل شيئاً ينافي المعروف كيف والمعروف رباط معلق بأعناق أهل المروءة هذا مع كوني قد شاهدت عظم دولة فرنسة وقوة عساكرها وكثرة غناها واتساع مملكتها فمن ذا الذي يخطر بباله من العقلاء أن يقاومها ويقاتلها هذا ليس بممكن إلا لله الواحد القهار الذي قدمها وملكها الأفاق والأقطار وبعد هذا فإني أؤمل من كرمكم أن تجعلوني في عدد من تحبهم وتنظر إليهم بعين الرأفة سواء كنت بعيداً عنكم أو قريباً . منكم) انتهى كلام الامير عبد القادر
رابط الطبعة الاولى من كتاب تحفة الزائر عام 1903 م
https://ia601609.us.archive.org/6/items/BULAC.RES.MON.4.3416/BULAC_RES_MON_4_3416.pdf
تعليقا على هذا الكلام الذي يفهم منه جهل الأمير بمساحة فرنسا البلد المحتل لبلاده،وقوتها وأنه لو كان عالماً بذلك لما حاربها وكأن الموضوع شخصي بين الامير وبين عدوه فرنسا، وان دفاع الناس على اراضيهم يتعلق بحجم دولة العدو او حجم قوته وليس مشروع ثورة ذات وازع ديني او وطني و يتضح هذا ايضا في قوله حين عفت عنه وأكرمته وأحسنت إليه نسي الماضي.
يعني لما احسنت اليه فرنسا سقط الجهاد ضدها بربكم هل يقبل هذا الكلام وبلاده ما تزال تحت سيطرة المحتل. ثم كيف وهو المسلم المتدين يقر بأن الله قدم فرنسا على غيرها من الأمم وملكها الآفاق.وكان الله هو نصير لدولة فرنسا
على كل حال وامام هذه الافكار المنقلبه للامير عبد القادرالتي لا يقبلها دين الاسلام ولا غير الاسلام فالدفاع عن الارض و العرض سنة الله في خلقه وليس امامنا سوى ان ندعوا له بالرحمة و المغفرة فجل من لا يخطا خاصة ان الامير حاول سنين طوال محاربة الاحتلال في الغرب الجزائري لكن تحالف فرنسا واعراب الغرب الجزائري و المخزن المغربي اضعف مقاومة الامير والتي دفعت به الى الاستسلام في الاخير وهذا النوع من الاستسلام ليس عيب او خيانة بل هي ظروف قاهرة ادت الى توقف الامير عن حرب الفرنسيين واعوانهم ولاجل الحفاظ على المئات من اتباعه الذين معه من جنود ونساء واطفال وشيوخ لم يعد لديهم ما يلزم من المؤونة و السلاح لمواصلة القتال
مقتبس من المخطوط كما ورد(انظر صورة المخطوط)
والحاصل أن حروب الأمير كثيرة، وكذا غزواته على الأعراب التي أعانتهم [أي الفرنسيين] عليه، وجدَّت معهم كل الجد، كثيرة أيضا، يحتمل جميعها مجلدا كبيرا.
وسبب إعانة الأعراب لهم [أي الفرنساوية]؛ أن الدولة الفرنسية لما تحققت صلابة الأمير بعدم استعماله السياسة معها والمداهنة شرعت في جلب الأعراب ببذل الدراهم البليغة لكبرائها حتى استجلبتهم بذلك كل الجلب،وبسبب ذلك بذلوا مجهودهم معها، وحيَّروا الأمير وسعوا في تأخر أمره، ولا سيما في آخر الأمر، فإن من الأمور المحققة؛أن الدولة الفرنسية لو لم تستجلب قلوب الأعراب بالإحسان الذي تقتضيه السياسة، واستعجالها الأمير بالمحاربة قبل اشتداد عضده وتقويته بتكثير العساكر، ما قدرت عليه أص لا، ولكنها لما رأت شدة صلابته التي تقتضيها خاصية الإقليم مع جده كل الجد في كتب الجيوش، والتفاته كل الالتفات للأمور العسكرية بهمة قوية تحققت بأنها إن تركته حتى يتقوعضده، ويكتب خمسين ألفا من أهل هذا الإقليم الذي يعد كلُّ واحد منهم بعشرة من غيرهم كما هو مشاهد من عسكره،فلا يتيسر لها أخذ الإقليم أصلا، وقد كانت نية الأمير أن يكتب ذلك القدر من أهل ذلك الإقليم كما صرح بذلك
عزيزي القارىء الا تعتقد إن ما ذكر في هذه فقرة ((ذكر توجه الأمير إلى باريس ولطائف أخباره وما هبت به نسائم رحلته المعطرة بنفحات أثاره))
و يتضح لنا لماذا قام افراد من عائلة الامير عبد القادر بتوكيل اطراف خارجية بحرق او اتلاف مسودة كتاب تحفة الزائر انه ببساطة يسمى صناعة التاريخ و الامجاد على المقاس وطمس حقائق التاريخ
بل ان طمس تاريخ الامير عبد القادر من بعض افراد ال الامير عبد القادر لم يمس ذلك الجانب الحربي و السياسي من حياته بل حتى الجانب الثقافي و الديني للامير حاولوا ان يطمسوه خاصة المنتسبين الى ابناء اخوته واحفادهم
حيث المعلوم عند كل دارس لسيرة الأمير أن أهم تآليفه وأكثرها انتشارا وشهرة وترجمة وأعمقها أثرا هو كتابه الذي عنوانه الصحيح الكامل: "المواقف الروحية في بعض إشارات القرآن إلى الأسرار والمعارف والإلقاءات السبوحية"، وجلّ من كتبوا سيرة الأمير ممن صحبوه طويلا وعرفوه عن قرب، أثبتوا نسبته إليه بكل وضوح، ولأهميته انتشر سريعا خلال حياة الأمير وبعده خصوصا في الأوساط الصوفية، كن، رغم هذا كله، ظهر في السنوات الأخيرة مع الأسف من يشكك في صحة نسبة المواقف للأمير، بل حتى في تصوفه وأرادوا تعسفا تجريده من الطابع الأساسي لشخصيته و لما تميزت به أسرته، إذ أن أباه وجده وبعض إخوته وذريتهم كانوا من مشاهير الطريقة القادرية في الجزائر وفي الشام.
وكلامها الغريب هذا قريب مما سمعته أيضا من احد المنحدرين من ال الامير عبد القادر في سوريا وهو السيد خلدون بن مكي الدمشقي حين قال في إحدى مداخلاته التلفزيونية في قناة المستقلة أن كتاب المواقف لم يرد ذكره في كتاب "تحفة الزائر" إلا مرة واحدة تقريبا...
للتذكير السَّيد خلدون بن مكي الجزائري من احفاد احفاد اخ الامير عبد القادر حيث ظهر في بعض القنوات في احدى مداخلاته التلفزيونية في قناة المستقلة وكتب شيئا من الرسائل زاعما أن الأمير عبد القادر كان سلفيا وهابيا على طريقة ابن تيمية, وبعد هذا ذهب يطعن في نسبة كتاب المواقف الى السيد عبد القادر الجزائري باعتبار ان هذا الكتاب طرقي صوفي فيه الكثير من الشركيات
و قد نسب ابن الأمير عبد القادر السيد محمد باشا, كتاب المواقف الى ابيه وذكر ذلك في كتاب تحفة الزائر في ماثر الامير عبد القادر لكن خلدون بن مكي زعم أن الكتاب لا يعتمد عليه لأنه حرق و أعاد محمد باشا كتابته و أعانه عليه آخرون فلهذا لا يمكن الإعتماد عليه!! حسب هذا المنطق المعوج و لا أدري هل يعتبر خلدون الأمير محمد باشا مختلط العقل أم مجنونا حتى لا يدرك أن لوالده كتابا اسمه المواقف!! أفنصدق ابن الأمير أم حفيد حفيد ابن أخي الأمير
تصوروا هذا السيد خلدون بن مكي الجزائري يتكلم في القنوات على أنه حفيد السيد عبد القادر الجزائري, وهذا افتراء و كذب و كان الأولى و الأجدر أن يوضح صلة قرابته بالأمير عبد القادر الجزائري و أنه من ذرية أخيه لا حفيده كما يزعم فهو خلدون بن محمد مكي بن عبد المجيد بن عبد الباقي بن محمد السعيد بن محيي الدين الجزائري
زعم أن كتاب المواقف ليس للأمير و لا يعرف أحد ذكر هذا ممن عاصر الأمير من العلماء, و أن نسخ المواقف كلها مكذوبة و انها لمجهولين هكذا قال
لعلمكم كتاب المواقف هو للامير عبد القادر وإن أعظم ما يرد به على خلدون بن مكي و بديعة الحسني هو شهادة تلميذ الأمير عبد القادر الجزائري نفسه و هو عالم معاصر قرأ و لازم الأمير عبد القادر الجزائري و هو أعلم بالأمير من حفيد حفيد ابن أخي الأمير و هو الشيخ عبد الرزاق البيطار
قال الشيخ بهجة البيطار في ترجمة جده عبد الرزاق: في كتابه حلية البشر 1/ 10.
((لازم فقيدنا المرحوم الأمير الملازمة التامة, و أخذ عنه الفصل بالعدل في القضايا العامة, و لقد كان يرد على الأمير قدس سره كثير من الخصومات بين الخلق, إذ كان هو المرجع للناس في دمشق فكان يحولها إليه, و يحيل أصحابها عليه, فيكون قوله الفصل بإجراء الحكم على سنة العدل, و لقد استفاد المرحوم من أخلاق الأمير و آدابه, حتى عد ثاني الأمير في حياته و عهد إليه بتربية أولاده و تعليمهم)) .
يقول الشيخ عبد الرزاق البيطار في (حلية البشر) 2/ 904:
((و كان لي بحمد الله منه الحظ الأوفى الأوفر و الإلتفات الأجدى الأجدر, و العناية العالية و البشاشة السامية, و حضرت عليه مع من حضر كتاب فتوحات الشيخ الأكبر, و رسالة عقلة المستوفز له, و كتاب المواقف للمترجم المرقوم و هو كتاب كبير في الواردات التي وردت عليه و نسبت إليه)).
رابط الكتاب
https://ia600309.us.archive.org/18/items/Hilyat.Al-bachar/Kitab.PDF
و هذا النص يكفي في الرد على خلدون و بديعة الحسني و كل فرد من احفاد ال الامير عبد القادر في زعمهم أن الأمير لم يكن صوفيا وكان سلفيا و أنه لم يدرس شيئا من كتب ابن عربي, و أن كتاب المواقف كتاب مكذوب عليه,
فأين الموضوعية وأين الأمانة في النقل وأين النزاهة؟
واذا الجواب على السؤال لماذا قام افراد من عائلة الامير عبد القادر بحرق مسودة كتاب تحفة الزائر ؟
انه ببساطة يسمى صناعة التاريخ و الامجاد على المقاس وطمس حقائق التاريخ التي لم تعجب بعض افراد ال الامير و لكن ابن الامير محمد باشا اراد ان يكتب تاريخ والده بسلبياته واجابياته وهو ما اثار عداوة بعض اخوته واتباعهم
فقد جرى خلاف بين الفريق محمد وبعضِ إخوته وأقاربه، ايضامباشرة بعد
وفاة الامير عبد القادر سنة 1883م فمنهم من اعلن ولائه الى الدولة الفرنسية ومنهم
من اعلن ولائه الى الدولة العثمانية ومنهم الفريق محمد باشا و الذي شرح تلك الخلافات العائلية في الجزء
الثاني من السيرة القلمية لـ تحفة الزائر
قائلا (اجتمعوا للمذاكرة فيمن يجمع أمرهم،ويلم شعثهم،ولأول وهلة اتفقت كلمتهم
عليّ،ووجهوا الرئاسة إليَّ ، وأظهروا لي طاعتهم).
بعد ان اتفق ابناء الامير عبد القادر على ان
اخوهم الاكبر محمد باش هو من يمثلهم قام هذا الاخير بارسال بيعة ال الامير عبد
القادر للدولة العثمانية باسمهم جميعا لكن بعض اخوته وابنائهم رفضوا التبعية
للعثمانيين وفضلوا التبعية لفرنسا و يتضح هذا في قوله في نفس:
يقول الدكتور سعد الله في كتاب:" أبحاث وآراء في التاريخ" الصفحة
( 119 ) من المجلد الثاني ، المقطع الثالث ، السطر الرابع ، على وجه التعميم:
" كانت أسرة الأمير نهبَ الرياحِ تتجاذبُها خيوطُ السياسةِ؛ تارةً
نحو فرنسا، وتارةً نحو الدولة العثمانية، وتارةً نحو التيار العربي القومي "