mercredi 14 novembre 2018

المشروع الفرنسي - المصري المشترك لاحتلال الجزائر و الامازيغ سنة 1829م


المشروع  الفرنسي - المصري المشترك لاحتلال الجزائر و الامازيغ سنة 1829م

صبيحة عيد الفطر الموافق يوم 29 أفريل 1827، بوصفه تقليدًا متعارفًا عليه؛ نزل القنصل الفرنسي في الجزائر دوفال إلى قصر الداي حسين بالجزائر العاصمة لتقديم التهاني، استغل الداي حسين المناسبة للاستفسار عن الديون المترتّبة على فرنسا، والتي كانت الحكومة الفرنسية تماطل في تسديدها؛ تهرّب القنصل دوفال من الإجابة بسؤال تهكمي: «أي ديون؟» فما كان من الداي حسين إلّا أن أشار بمروحته الى القنصل الفرنسي دوفال بالخروج من قصره. سمّي هذا المشهد بـ«حادثة المروحة»، وهي الحادثة التي جعلتها فرنسا السبب المباشر لاحتلال الجزائر سنة 1830م.
غير أنّ ذلك المشهد الذي حفظه التاريخ، و نقلوه لنا في المناهج الدراسية  كان الأخير من فصولٍ أخرى سعت من خلالها فرنسا لاحتلال الجزائر، ومن بين هذه الفصول التي تلت هذا المشهد؛ و يتفادى المؤرخون الكلام عنها هي خطة مشتركة بين فرنسا وحاكم مصر الباشا محمد علي لاحتلال الجزائر و طرابلس وتونس  بقوات مصرية مدعومة 
بحريا من فرنسا وبريا من عربان بني هلال وسليم الموجودين شرق ليبيا وفي مصر

 كل هذه الوقائع سجلها التاريخ في الارشيف الفرنسي و المصري وخاصة ارشيف المراسلات بين الدولتين سنة 1829م والتي تم نشرها سنة 1930م كما سنكتشفه معا في هذا الموضوع


كانت الخطة التي عرضها القنصل الفرنسي دورفيتي على حاكم مصر محمد علي باشا، والتي عرفت تاريخيًّا بمشروع «حملة محمد علي باشا على الجزائر»  وكانت الخطة تنص ايضا على احتلال طرابلس في ليبيا و تونس  اعتمادا على البدو العرب المتواجدين في مصر وشرق ليبيا مدعومين من قوات فرنسية من جهة البحر المهم ان هذه الخطة  أجهضت في آخر الأنفاس.
في هذا التقرير نعود بالزمن إلى نهاية القرن التاسع عشر،سنة 1829م  حين كانت الجزائر على حافة خطر الغزو المصري لها بمساندة فرنسية .كان بطل هذه القصة الجنرال في الجيش العثماني المصري  "محمد علي" الذي سيطر على حكم مصر و استقل بحكمها عن العثمانيين وجعل ابنه ابراهيم قائد الجيوش المصرية
كانت مصر ولاية تابعة للسلطان العثماني، وهو أيضا الملقب بـ "خليفة المسلمين"؛ لهذا لم يحاول "محمد علي" وهو يستقل بحكمها، أن يدعي الحكم باسم الإسلام، لأن هذا الادعاء يجعله مجرد ضابط متمرد على سلطانه (العثمانيين) ، ومسلم عاص لأمير المؤمنين. كما لم يحاول ادعاء الحكم باسم العروبة، ولا باسم المصرية، ولا "النسب الشريف" إذ لم يكن يمثل أيا من هذا، والأسوأ أنه لم يكن بوسعه الاعتماد على مساندة "الأتراك" باعتبارهم العرق الذي نهضت به دولة بني عثمان، إذ إنه لم يكن تركيا أيضا، فهو ألباني ولد سنة 1769م في مدينة تتبع الآن دولة "اليونان"، وكانت عند مولده محض قرية لا يزيد عدد سكانها على بضعة آلاف تابعة للدولة العثمانية، مبنية على صخرة، جنوبي مقدونيا على خليج كونتسا، تشبه الفرس، سماها الإسكندر الأكبر "بوسيفلا" نسبة لحصانه "بوسفلس"*
تصور عزيزي الجزائري ان هذا الملك المصري محمد علي الذي جاء من بلدة صغيرة في البانيا خطط مع فرنسا لاحتلال الجزائر؟؟؟
المقال هو استعراض ودراسة للرسائل المتبادلة بين الخارجية الفرنسية ورجالها في مصر حول هذا المشروع. الذي كان يهدف الى احتلال الجزائر بمساعدة مصرية فقد أوكلت لقنصل فرنسا في مصر وأحد المساعدين مهمة اقناع الباشا  المصري محمد علي  بالقيام بحملة لاحتلال الجزائرسنة 1829م وهذا  بعد الاستيلاء علي طرابلس وتونس بدعم فرنسي. كل تفاصيل تلك المفاوضات والمناورات التي دارت بين الباشا وفرنسا والتي تبين مواقف الباشا  محمد علي ومحاولاته المستميتة في الحصول علي اكبر المكاسب الممكنة  من مشروع احتلال الجزائر بالشراكة مع الفرنسيين مع تقديم أقل التنازلات التي نطالعها علي صفحات كتاب.
مشروع حملة محمد علي علي الجزائر (1829-1830) - وثائق الخارجية الفرنسية
صدر هذا الكتاب بالفرنسية سنة 1930 بمناسبة احتفال فرنسا بمرور مائة عام علي احتلالها للجزائر والفه الرائد الفرنسي جورج داون الذي كانت تربطه علاقة وطيدة وصداقة مع الملك المصري فؤاد و جورج داون نشر الكثير من وثائق  الارشيف الفرنسي المتعلقة بعلاقة فرنسا بمصر .وهي متوفرة في هذا الكتاب الذي  تم ترجمته وهو متوفر على الرابط التالي


https://ia601605.us.archive.org/28/items/Hamlat.M-Ali.DZ/Kitab.pdf


ربما يعتقد البعض ان الغزو الفرنسي للجزائر في جوان 1830م هو اول مشروع لاحتلالها وهذا اعتقاد خاطئ لمن لا يعرف التاريخ أن مشاريع الحملات العسكرية الفرنسية على الجزائر أقدم وأبعد من ذلك بكثير؛ إذ يشير شارل أندري ميشال في كتابه «تاريخ أفريقيا الشمالية» أن فكرة احتلال فرنسا للجزائر تعود إلى عهد الملك لويس التاسع (1226-1270) الذي وضع مشروعًا لاحتلال أهم المراكز الأساسية في كلٍّ من تونس وطرابلس والجزائر، ومنذ ذلك الوقت لم توقف فرنسا خططها لاحتلال الجزائر
كانت فرنسا تدرك أن أي حرب مع الجزائر سيترتّب عليها نفقات كبيرة لم يكن باستطاعة دولة خرجت من أتون حروبٍ عديدة ومن أزمة مجاعة قضت على نسبة كبيرةٍ من سكانها أن تتحملها؛ فكان من الضروري أن تبحث عن حلولٍ بديلة تجنبها نفقات حرب احتلال الجزائر؛ فجاء اقتراح القنصل دورفتي قنصل فرنسا في الإسكندرية -بوصفه خطّة بديلة- أن توكل الحكومة الفرنسية حاكم مصر  محمد علي باشا للقيام بحملة على دول المغرب الامازيغي طرابلس و تونس و الجزائر بمساندة فرنسا  وخاصة لتأديب الداي حسين داي الجزائر والقضاء على حكومته، واحتلال الجزائر وضمها إلى أملاكه على أن يكون لحليفته فرنسا امتيازات واسعة.

كانت فكرة مشروع حملة محمد علي باشا لغزو الجزائر مجهولة في التاريخ حتى الذكرى المئوية الأولى لها؛ حين أماطت وزارة الخارجية الفرنسية اللثام عن وثائق وزارة الخارجية الفرنسية التي قدّمها القومندان جورج داون إلى الملك فؤاد سنة 1926، وهي الوثائق التي تكشف للمرّة الأولى عن حيثيات المشروع.

نسخة مترجمة الى العربية من اتفاق فرنسا وحاكم مصر على غزو الجزائر و بلاد الامازيغ



يذكر القومندان جورج داون في كتابه «مشروع حملة محمد علي باشا على الجزائر» تفاصيل المشروع؛ فيقول إنّه في الوقت الذي كان محمد علي عازمًا على غزو بلاد الشام؛ خرج القنصل دورفيتي صاحب الثقة العمياء لدى محمد علي ليثنيه عن هذه الخطة ويصرف أنظاره إلى غزو بلاد البربر؛ مقترحًا عليه المشروع الذي كان قد اتفق من خلاله مع الحكومة الفرنسية، على أساس أنّه يوطد علاقة محمد علي مع أوروبا مع تحاشي إثارة حفيظة الباب العالي في الوقت نفسه، على أن تحتفظ فرنسا بامتيازاتها الاقتصادية والعسكرية بالجزائر

كانت فرنسا تطبق حصار بحري على الجزائر منذ سنة 1827م  خاصة بعض ضعف الدولة العثمانية و تحطم اسطولها البحري في معركة نفارين  واصبحت السيطرة البحرية على البحر المتوسط في يد الاروبيين و كانت  فرنسا تغري حاكم مصر محمد علي باشا بغزو الجزائر خاصة بعد ان طال حصارها للجزائر دون جدوى مدة حوالي ثلاث سنوات ولهذا ارادت ان تستعين بالملك محمد علي حاكم مصر كستار لتحقيق مشروعها في تدمير الجزائر و النضام الحاكم فيها
كان  محمد  متردد في اول الامر بين مشروعه لغزو بلاد الشام او غزو بلاد الامازيغ لكن هذا التردد  لم يدم طويلًا؛ فيذكر المؤرخ  مفيد الزيدي في كتابه «موسوعة التاريخ الإسلامي: العصر العثماني»

أنّه محمد علي باشا وافق على  فكرة غزو الجزائر بسبب طموحاته الخاصة في حكم منطقة المغرب الكبير؛ ليعلن للقنصل دورفيتي موافقته على الفكرة بشرط أن تدفع له فرنسا مبلغًا ماليًّا، ودعمًا بحريًّا يمكنه من إعادة بناء أسطوله الذي تحطم في نافارين البحرية الشهيرة عام 1827.
رابط الكتاب



لعب القنصل الفرنسي في مصر السيد دورفوتي دورا مهما في اقناع  حاكم مصر بمشروع احتلال بلاد الامازيغ طرابلس وتونس و الجزائر تردد محمد علي في بداية الامر لانه كان على وشك غزو بلاد الشام و حتلالها  ليعلن في النهاية قبوله للفكرة والتي اصبحت حلم يراوده ويسعى الى تحقيقه بكل السبل مطالبا من فرنسا دعمه في هذا المشروع
بعد الاقتناع التام لحاكم مصر بمشروع غزو الجزائر قام القنصل الفرنسي في مصر دورفوتي بارسال تقرير عن مشروعه مع محمد علي باشا الى الحكومة الفرنسية والتي كان رئيسها السيد بولينياك وهذا لاطلاعهم على الفكرة التي وافق عليها محمد علي في انتظار موافقة الحكومة الفرنسية
ولتسويق نجاحه (دورفوتي) في إقناع محمد علي باشا بفكرته؛ أرسل القنصل دورفيتي في 10 أغسطس (آب) 1829، تقريرًا إلى الأمير الفرنسي بولينياك يعدّد له المزايا التي ستتحقق فرنسا من قيام والي مصر بالحملة على الجزائر بدل الاحتلال الفرنسي للجزائر بشكل مباشر، في وقتٍ تقتصر فيه مهمة فرنسا على مساعدته ماليًّا بتوفير 100 ألف فرنك فرنسي لتغطية نفقات الحملة، ونتيجة لذلك تكون فرنسا قد تحصلت على امتيازات اقتصادية، وعاقبت الجزائر دون أن تعلن حربًا مباشرة عليها، وقد رحب بوليناك بهذه الحملة التي جاءت متسقةٍ مع مشروع حملة محمد علي على الجزائر التي أعدّها سنة 1814، التي تستهدف ربط الجزائر بالمسألة المصرية.

بعد عدة مناقشات ومراسلات بين فرنسا وحاكم مصر عرض هذا الاخير على فرنسا ان يقوم لوحده بغزو بلاد الامازيغ طرابلس وتونس و الجزائر من خلال قوات بحرية وبرية بشرط ان تقرضه فرنسا عشرة ملايين فرك و تدعمه بارعة بوارج حربية

لم يكن حاكم مصر يهتم بموافقة الباب العالي (السلطان العثماني) على هذا المشروع لانه كان في حالة ضعف عسكري وسياسي كبير بعد انهزامه الكبير في معركة نفارين سنة 1827م ولم يعد للسلطان العثماني سلطة على الولاة التابعين له وخاصة الحاكم المصري محمد علي الذي اصبح يحلم بتكوين امبراطورية  في شمال افريقيا و الشام مستقلة عن السلطان العثماني فعقد العزم على تفعيل مشروع غزو الجائر  في اقرب الاجال


ارسل حاكم مصر رسالة الى قنصل فرنسا معلنا فيها استعداده التام لغزو بلاد الامازيغ هذه الرسالة موجودة ترجمة لها في كتاب الضابط الفرنسي جورج داون والتي يمكن الاطلاع عليها في الكتاب

اتفاق مصر وفرنسا على استعمال عربان العرب لغزو بلاد الامازيغ

قام حاكم مصر بوضع كل الاستعدادات العسكرية تحضيرا لغزو بلاد الامازيغ منها 40 الف جندي 20 الف منهم من القوات النضامية المصرية و20 الف من البدو الاعراب الذين يعيشون في غرب مصر وشرق ليبيا خاصة منطقة برقة وهم اغلبهم من بقايا بني هلال وبني سليم الذين نزحوا الى تلك المناطق في القرن 11 م



كانت الخطة تعتمد على غزو بلاد المغرب الاماززيغي بجيش مصري نضامي عن طريق البحر بينما يتكفل البدو الاعراب بالغزو عن طريق الصحراء و البر وكل القوات تكون تحت قيادة ابن حاكم مصر السيد ابراهيم باشا
اعتمدت الخطة على غزو بلاد الامازيغ طرابلس اولا ثم تونس ثم الجزائر من خلال البر اعتمادا على قوات مشكلة من اعراب شرق ليبيا ومصر والتي كانت تربطهم علاقات مخباراتية كبيرة مع الباشا محمد علي و كان ولائهم له كبير


كانت فرنسا تريد استغلال قوات محمد علي باشا لضرب الامازيغ المسلمين المتوحشين البرابرة حسب الوصف الذي اطلقوه عليهم في مراسلاتهم والمتواجدين  في طرابلس وتونس والجزائر وهذا بايدي ابناء دينهم من العربان شرق ليبيا ومصر اضافة الى تخطيطهم لتعبئة العربان المنتشرين في ليبيا باستعمال  اغرائهم بالاموال اضافة الى ذلك كانت الخطة تعتمد على تهديد الاهالي الامازيغ في المغرب الكبير بقطع طريق الحج عنهم اذا لم يستسلموا لحاكم مصر كما ورد في المراسلات التي تم الكشف عنها في كتاب مشروع محمد علي على الجزائر للرائد جورج داون المؤلف سنة 1930م
خطة الغزو المصري الفرنسي للجزائر تعتمد على مساندة عربان مصر و شرق ليبيا وايضا على معلومات استخباراتية تفيد ان العربان في جيش الداي جسين و الذي يعتمد عليهم في بسط نفوذه سيخذلونه ويتخلون عنه عند وصول القوات المصرية الفرنسية الى الجزائر برا وبحرا مما سيفرض على داي الجزائر الاستسلام بسرعة

في رسالة من الحكومة الفرنسية الى قنصلها الفرنسي في مصر المدعو دروفتي والذي كان وراء فكرة غزو حاكم مصر للجزائر سئل هذا الاخير عن نوع القوات التي ستتكفل بالغزو من البر او الطريق الصحراوي فكان تاكيد دروفتي لحكومته ان العربان من اصول عربية هم من سيقوم بهذه المهمة ويقدر عددهم حوالي 20 الف جندي



لماذا لم تجد خطة فرنسا ومصر طريقها إلى النورو فشلت؟

يذكر شارل أندري جوليان في كتابه «تاريخ أفريقيا الشمالية» الجزء الثاني
Histoire de l'Afrique du Nord
by Charles-André Julien
أن بعض الوزراء الفرنسيين عارضوا هذا المشروع الفرنسي المصري لاحتلال الجزائر اعتبروه إهانة لشرف بلادهم، لنهم اعتبروا انهم كدولة قوية سيعينون حاكم مصر و دولة مصر المسلمة في توسيع نفوذها و هناك خطر ان لا يستفيدوا من ذلك سياسيا واقتصاديا  وحاولت الحكومة احتواء غضبهم بتقليص مساهمتها المالية التي وعدوا بها حاكم مصر في الحملة المقترحة إلى 10 ملايين فرنك، قبل أن يرفض مجلس الـوزراء التعاون مع محمد علي في اجتماعه بتاريخ 10 من ديسمبر/ 1829م. وفي 30 من جانفي 1830م وبعد مداولات استمرت 4 ساعات، قرر المجلس أن تغزو فرنسا الجزائر بنفسها ، وهو ما وافق عليه الملك شارل العاشر في 7 من فبراير مصدرا مرسوما بتعيين قادة الحملة، التي تحركت من ميناء طولون، لتصل إلى سيدي فرج بالجزائر في 14 من جوان  1830م.
 كان مشروع المصري الفرنسي لغزو الجزائر يقترب من التحقق؛ قام الأمير بولينياك بصفته رئيسًا للوزراء الفرنسي، بعرض المشروع على مجلس الوزراء، وهناك لقي المشروع معارضة كبيرة خاصة من الجنرال دي بورمون وزير الحربية آنذاك، والذي تكفل شخصيا بغزو الجزائر سنة 1830م  ووزير البحرية دي هوسي، اللذين هددا بتقديم استقالتهما إذا قدمت فرنسا السفن الأربع والمساعدات لمحمد علي باشا كون هذا الأخير -حسبهما- لا يختلف عن داي حسين، أما السيناتور الفرنسي  جون سار فعزا رفض مجلس الوزراء مشروع الحملة إلى أسباب عاطفية، وهي أنه لا ينبغي أن ترتفع فوق السفن الفرنسية غير الأعلام الفرنسية.
ولم تكن هذه هي المعيقات الوحيدة التي أفشلت مشروع حملة محمد علي باشا على الجزائر، فقد لعب الرفض الأوروبي للحملة دورًا في إجهاضها، إذ قوبل المشروع بارتياب عامٍ في أوروبا، ولم تكن الاعتراضات في برلين وفيينا على فكرة إدخال الجزائر تحت سلطة محمد علي باشا أقل حدّة، كما لعب الرفض البريطاني لهذا المشروع دورًا مهمًا في إبطاله؛ وهو ما تجلى في رسالة اللورد أبردين إلى الدوق الفرنسي لافال، والتي أعرب له فيها عن أمل بريطانيا في فكّ تحالفها مع مصر مع تحذير بريطاني باستعمال القوة حال إصرار فرنسا على تغيير الوضع في الجزائر دون مراعاة مصلحة لندن في ذلك.
لتتحمّل فرنسا في الأخير على عاتقها حملة عسكرية لاحتلال الجزائر في جوان من سنة 1830؛ وتتمكن من دخول العاصمة الجزائر في الخامس من جويلية، واستطاعت المكوث في البلد طيلة 132 سنة



حتى سنة 1832 م عندما دخلت فرنسا الجزائر العاصمة و ارادت احتلال منطقة المدية ساهم محمد علي باشا الألباني في دعم الفرنسيين بجنود من السودان الذين كانوا تابعين له و اكد هذا في كتاب نخبة ما تسر به النواظر وأبهج ما يسطر في الدفاتر في بيان سبب تولية الأمير عبد القادر في إقليم الجزائر من تاليف ابن الامير عبد القادر  حيث جاء النص التالي:

« فإن الجيوش الفرنسوية جاءت قاصدةً دخول المدية، فسبقتها عساكر الأمير، وجعلت أمامها بالطريق استحكامات وثيقة، ثم انتشبت الحرب بين الفريقين، وهجمت العساكر الفرنسوية المرة بعد المرة على عساكر الأمير رَوْماً أن تُخرِجها من الاستحكامات، وفي كل هجوم ترجع إلى وراءٍ متولية القهقرى عن عدد بليغ من قتلى وجرحى حتى صارت الأرض مزروعة بجثث الآدميين {فَتَرَىٰ الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ}¹.
ومن العجب أنهم وجدوا في هذه المقتلة جملةً من العساكر المصرية مع الجيوش الفرنسوية، وكلها من الجيوش السودانية، ولم يتحقق سبب حضورهم إلى الآن، ويُقَال: إن محمد علي باشا والي مصر أمدَّهم بتلك الطائفة. »




تنبيه مهم 

للتذكير و التنبيه انه لا يجب تحميل تصرفات المخزية للحاكم محمد علي باشا ومشروعه احتلال بلاد الامازيغ للشعب المصري فهم ايضا كانوا يعيشون تحت سطوت الاحتلال العثماني و اذنابه لم يكن لدى محمد علي نوازع وطنية تجاه بلاد  مصر و شعبها لا يربطه بها إلا أنه ظفر بحكمها مؤيدا بدعم غربي،فرنسي  و لاطماع شخصية في توسيع حكمه ولا عجب في أن ينعقد ولاؤه لمن دعموه، من الفرنسيين  وأن يظل خاضعا لهم حتى بعد أن خذلوه، في عدة مواقف  لعلمه أنهم الأقوى. أما عن الوازع الديني، فثمة موقف يلقي الضوء على نظرة محمد علي للإسلام، وللأديان عموما، إذ حدث في سنة 1825م أن النيل شح، وأخذت مياهه في الهبوط  بسرعة منذ شهر اوت (الذي يفترض أنه شهر الفيضان) فأمر محمد علي بإقامة صلاة الاستسقاء (وهي شعيرة إسلامية) لكنه دعا إليها أحبار جميع الأديان والمذاهب، وحين سئل عن دعوة اليهود والمسيحيين للمشاركة في شعيرة إسلامية، رد قائلا: إنها تكون مصيبة كبرى إن لم يوجد بين جميع هذه الأديان دين واحد جيد"! وهو رد لا يمكن أن يصدر عمن "يؤمن" بأي من هذه الأديان اصلا فكيف يؤمن بحرمة غزو المسلم للمسلم وحرمة دمائهم.

4 commentaires:

  1. عمل راءع الف شكر و تقدير

    RépondreSupprimer
  2. ثانميرث على هذا الجهد الكبير

    RépondreSupprimer
  3. معلومة جيدة لكن فيها أيديولوجية algerianisme كلنا نعلم ان الجزاير التي بحجم قارة انها صناعة فرنسية . و لا تستطيع أن تنكر يا سي احمد حرياش تحياتي لك

    RépondreSupprimer
  4. خطأ كبير من الأمازيغ التحالف مع بعض العرب، لأنه سبب لهم نهاية مأساوية من طرف نفس هؤلاء العرب (نهاية طارق بن زياد خير دليل على هذا)

    RépondreSupprimer